خلق الله ٱدم و أسكنه الجنة ؛ تركه يتمتع بملذاتها و ألا يجوع فيها و لا يعرى , على ألا يقرب شجرة واحدة ؛ و هى ذات الشجرة التى زين له الشيطان أكل ثمرتها و ووسوس له بأنها "شجرة الخلد "لم يفكر آدم فى شيء سوى الخلد والأكل من الشجرة ,ومخالفة الشرط الوحيد لرب العزة لبقاءه فى الجنة .و لتكن أول عقوبة توقع على ٱدم قبل الطرد هى "العرى "و كشف ستره هو و حواء . وكان العقاب صادما فأخذا يخصفان عليهما من ورق الجنة ليسترا عورتهما .
كم سيظل هذا العقاب موحيا ..فلا شىء أبلغ من عقاب الله ...ونزلا الى الأرض و واجها الشقاء من أجل الرزق ثم اقتتال الذرية .
كم كانت حسابات ٱدم خاطئة عندما جهل عليه الشيطان منفعة الطاعة ,ولن أقول الشكر على النعم ؛ فرغبته فى الخلود فى الجنة لم تتحقق بالقطع بالاكل من الشجرة ..بل كانت سببا فى طرده منها بالنزول على الأرض وخسارته ستر الجنة و راحتها .
كلنا ٱدم حقا .. فالشيطان شاطر جدا ..و محدد فى وجهته نحو شجرة الخلد ..فنجد فى كل علاقة جنة رحبة مليئة بالمتع ,ولكن فى النهاية هناك منطقة حددها كل منا للآخر ,لا ينبغى الاقتراب منها ؛ و هى نفسها مدخل الشيطان لإفساد العلاقة ؛ و نجده يزيين تلك المنطقة كشجرة للخلد .
و رغم أن البشر هم أنفسهم نفحة من روح الله؛ ولكن حاشا لله أن يكونوا ٱلهة ,أو أن تشبه جنتهم بجنة الله ,أو حزمهم بحزم الله .. ولكن تبقى المناوشات ...فهناك دائما طرف يقبل بكل العيوب من الٱخر ..ماعدا القسوة مثلا أو الخيانة أو التخلى .. ولا يتوقف عن التحذير من النتائج . ولكن تظل شجرة الخلد محرضة على الإصرار من الطرف الآخر و تجعله واثقا أن ما يفعله هو رمانة الميزان , و أنه لو انصاع لفتح بابا للتنازلات ,و يظل الشيطان يوسوس له ليعدد لنفسه عطاءاته و مميزاته فى مقابل أنه فى بعض الأحيان يتسم بهذا العيب البسيط " فقط "
وعندما يصل الضعف البشرى يأتى شعاع النور, هدية السماء لكشف العورة تمهيدا للخروج الأبدى .. كم يكون الضعف رحيما عندما يمنحك انكسارا لتقترب من النور الأزلى الباقى ,وقوة لتصم أذنيك عن الهذيان السنين .
الضعف هو الاختبار الواجب اجتيازه لكشف قدرة القلوب على العطاء و الأرواح على العناق
و هنا تلعب شجرة الخلد دورها الفاصل فى القصة ؛ و تصبح ثمارها أكثر إغراء ليتحول العيب الوحيد المنهى عنه مرغوبا أكثر من ذى قبل و تصبح القدرة على الغفران أبعد من أى وقت مضى ؛ و فى هذه اللحظة ,,لن تكفى أوراق أشجار العالم كله لتطغية عورات القلوب و النفوس التى تصر على الأذى أوقات الضعف .
ويبقى الطرد هو الجزاء الأزلى .. لكل من كشف قلبه النور , و لكل من سار على نهج ٱدم ورفض الشكر .. و ٱثر أن يأكل من شجرة الخلد على أن يعيش مستورا منعما فى الجنة .