البشر أنواع ..فهناك بشر يمكنهم الزرع أينما وطأت أقدامهم ؛ فالمعطاؤن لا يمكن أن يتساوا بغيرهم ؛ أو أن يتم نسيانهم بمجرد مغادرتهم الدنيا أو المكان لسبب أو لٱخر.
يوميات سكارلت اوهارا
Tuesday, 7 November 2023
أهل العطاء
Sunday, 22 October 2023
أحبك أبى 1
وأحبك أبى و أشتاق إليك كثيرا
أثق أن كلماتى ستصلك عبر العوالم البعيدة كما أشم طيب عطرك من هناك ؛ حكايات كثيرة لم نحكها عن الحب و العبادة و الوطن ؛ تمنيت أن أرى الحياة بعينيك وليس من خلال كلمات مطبوعة على أوراق كسائر البشر ؛ كنت أطمح أن أرى هذه لكلمات روحا تتجسد أمامى فى صوتك و لغة جسدك ؛ نتحاور أخذا وردا موافقة و معارضة ؛ و أن ترى منى ذلك الجانب الذى كنت أتوقع أن يزعجك الجانب المشاكس المجادل العنيد ؛ كنت افضل أن ترحل منزعجا من عنادى واستقلال رأيى على أن ترحل خائفا هكذا على طفلة عاطفية خجولة تمسك بذيل مربيتها ضعيفة البنية سريعة البكاء ولكن ربما اهدانى القدر مشهدا لازمنى طوال حياتى؛ هو مشهد سحابة القلق التى كانت تمر بعينيك عندما أبكى ؛ و كأنها مرٱة لخوفى فكثيرا ما بكيت خوفا من العجز أمام الكبار أو الفقد أو التأنيب إذا ما قصرت ؛ و كنت أرى هذه السحابة تمر فى عينيك فتشتد نوبة بكائى ؛ و انت لا تدرى لماذا يشتد بكاء هذه الطفلة الضعيفة جدا رغم أنك لم تفعل لها شيئا ؟
Saturday, 21 October 2023
أحبك أبى 2
Wednesday, 18 October 2023
شجرة الخلد
خلق الله ٱدم و أسكنه الجنة ؛ تركه يتمتع بملذاتها و ألا يجوع فيها و لا يعرى , على ألا يقرب شجرة واحدة ؛ و هى ذات الشجرة التى زين له الشيطان أكل ثمرتها و ووسوس له بأنها "شجرة الخلد "لم يفكر آدم فى شيء سوى الخلد والأكل من الشجرة ,ومخالفة الشرط الوحيد لرب العزة لبقاءه فى الجنة .و لتكن أول عقوبة توقع على ٱدم قبل الطرد هى "العرى "و كشف ستره هو و حواء . وكان العقاب صادما فأخذا يخصفان عليهما من ورق الجنة ليسترا عورتهما .
كم سيظل هذا العقاب موحيا ..فلا شىء أبلغ من عقاب الله ...ونزلا الى الأرض و واجها الشقاء من أجل الرزق ثم اقتتال الذرية .
كم كانت حسابات ٱدم خاطئة عندما جهل عليه الشيطان منفعة الطاعة ,ولن أقول الشكر على النعم ؛ فرغبته فى الخلود فى الجنة لم تتحقق بالقطع بالاكل من الشجرة ..بل كانت سببا فى طرده منها بالنزول على الأرض وخسارته ستر الجنة و راحتها .
Saturday, 19 October 2019
أنا و أبى
علام ننظر سويا ؟ الى ماذا ترشدنى ؟
الى الدرب الوعر ؟
كل ما لقنتنى إياه من قيم كان وعرا ، كل ما ورثته عنك من صفات ، يزيد الدرب وعورة و يجعل المشهد أكثر ألما .
كم كان وجهك هادئا مبتسما و أنت تتطلع لطريق "ربما هو مستقبل أيامى " بينما تتملكنى مشاعر رعب أخفيها عن الكاميرا بنظرة ساهمة .
القدر حسم كل شىء
نعم ..إنها ليست مجرد صورة لمجلة التقطها رجل محترف
و لكنها صورة صنعها القدر ، لرجل يرحل، و يشير لطفلة بائسة نحو طريق ، ربما يراه هو ممهدا آمنا .و لكن الطفلة رأته بعين ملاكها الحارس ..رأته قاسيا مليئا بالفخاخ .
أنها مسيرة حياتى ..على دربك.
ربما ذراعك التى تحملنى منحتك الأمل ، وهى نفس الذراع التى تشبثبت بها بذعر ، فإن افلتها وقعت .
لم ينتابنى شك للحظة أن تكل ذراعك من حملى ، أو أن أسقط منك سهوا ، فلم اتخيل أنك تسهو كسائر البشر ..و لكنى توقعت أن السقوط سيكون حتما خطأئى.. فلم اتوقع منك الخطأ أو التخلى او حتى النسيان .
ولن تفلتنى ذراعك طلما تتردد انفاسك فى صدرك .تلك كانت عقيدتى ولم تزل .
تصورت قديما أنى مجرد طفلة تضع أباها فى منزلة الأنبياء ، و لكن بعد أن منحتنى الحياة الكثير من النضج على نار لا تخبو ..أدركت أنها الثقة .
و أدركت أنك الوحيد فى الكون الذى إذا منحنه هذه الثقة ردها اليك ثقة .و حبا ..وأمنا .. سعادة ..و أملا لا يزرعه بكلمات جوفاء ، بل بعمل قد يكلفه دمه .
فأنا الأهم .. شعور لم أختبره إلا معه .
كم اشتقت لذلك الشعور ..أن اكون الأهم فى هذا الكون .
لا أدرى هل الومك على عطائك الذى لن يجود بمثله الزمان ثانية رغم روعتة..
ألم يكن من الأفضل أن أعتقد ان وجود امثالك مجرد خرافة ، و أحاديث من نسج الخيال يرددها الناس عن أحبابهم الراحلين ليصنعوا لأنفسهم تاريخا أنسانيا مشرفا ؟
أم الومك على انك خلقت هكذا؟ أم انك اورثنى بعضا من إحساسك و قدرتك على أن ترعى و تعتنى ؟.
أم رغبتك فى أن يسير أحد أبنائك على دربك ، و جاء ذلك من حظى .
ربما تصورت أن القدر سيجود على بذراعك فترة أطول لكنه لم يكتب لنا ذلك.
كل ما بقى لى خيالات تقبع فى كل ركن من المنزل ، و حكايات تتردد من آن لآخر لتحارب النسيان ، و سنوات تمر ليشيخ معها القلب ، قبل الملامح ، هو مازل يهفو لنعيم مشهد مفعم بالإنسانية ، تذوقة قليلا ليرحل سريعا ، بلا أمل فى التكرار .. جاء ليثبت نظرية أنه انقرض و ان البعد يزيد الشوق ..لا يمنح راحة النسيان بشكل كاف كما يتصور البعض أو كما يشعر البعض.
أبى اشتقت لملامح وجهك ،رائحتك ، انفاسك و صوتك يملؤن أرجاء الدنيا ..اشتقت لو قع أقدامك على ارض البيت ، نظرة الهلع التى كانت تطل من عينيك كلما رايتنى ضعيفة أو خائفة .
فروضت نفسى على ألا اضعف ولا أخاف .. فقط أتذكر أننى ابنة رجل كره الخوف و اعتبر أنه يقف خلف كل الخطايا .
أصبحت قوية واثقة أو هكذا يقولون عنى ..لكنى مازلت أحتاج صدقك و قوتك و حنانك وذراعك التى لم تفلتنى يوما ، قلبك الذى لطالما أحس بى دون أن انطق، و نظرة عينيك و تقطيبة جبينك التى تحذر و تهدد و تنصح .
اشتقت لأن أكون الأهم عند أحدهم . اشتقت الى أن أترك نفسى لأعيش فى حماية و حب ، بلا تخلى ، بلا غدر
ولكن كل ذلك لا يقوى على امتلاكه سوى أبى ، و لا منحه سوى أبى .
كم أشتاق لأبى .
حنان عبد الحليم عبد الله
Sunday, 24 February 2019
مهند و إبراهيم .... و كريم
و
كريم
عند سوبر ماركت سعودى فى ميدان سفكنس لاقيت ولدين زى القمر قاعدين على الباب لما قربت منهم الكبير قالى: هاتى جنيه
ساعتها دققت فى وشهم لاقيته "ملحوس" من طول القاعدة فى الشارع مع انهم لابسين "سويترات" كحلى شبه بعض شكلهم جديد و نضيف و الولدين قاصين شعرهم الناعم قصة حلوة ..الولدين ملامحهم (إطالية) جميلة سبحان الله رديت عليه قلت له :
لا مش حأديك جنية ده أخوك ؟
قالى : ايوة
اسمه إيه ؟
قالى : إبراهيم
و انت ؟
قالى : مهند
فين ابوك و أمك ؟
قالى : نايمين فى الشارع قدامك.
مش ح أديك جنية ، أنا ح أدخل معاكو تشترو اللى تختاروه من السوبر ماركت
قالى : مش ح يرضوا يدخلونا .
لأ أنا ح أدخلك .
و قبل ما أخلص الجملة لاقيت شاب فى التلاتين بالكتير ظهر و وقف جنبى ، قلته انت ابوهم ؟
قالى : ايوة
الولد بص له علشان هو سمع انى عايزاهم يدخلوا معايا السوبر ماركت ..قلت له : انت بتشتغل إيه؟
قال : سايس جراج
ممكن يدخلوا معايا اشترى لهم حاجة ..؟
ساعتها مهند رد وقال:
مش ح يرضوا .
ابوه قال : لا مادام معاها ح يرضوا ممكن تدخلوا معاها .
الولدين قاموا و مسكت كل واحد فى إيد و قلت للراجل اللى على الباب ح ادخلهم معايا ابتسم و سابنا ندخل .
أول ما دخلنا لاقيت الولدين تحولو لجوز "معيز " و هاتك يا تنطيط ووحسيت انهم ح يهدوا اى حاجة مرصوصة فى السوبر ماركت و قررت إن مسك الإيد مش كفاية و فهمت إن ابتسامة الراجل اللى على الباب مش طيبة و تسامح دى إنذار و معناها " ليلتك سودا" و قررت إنى أمسك الولدين من (فقاهم ) واكتشفت إن دى الطريقة الوحيدة اللى ممكن اسيطر بيها على حركتهم .
الولد الكبير "مهند" طلب نوع من الشيكولاته المستوردة شبه الجنيهات الدهب ..و انا طبعا رفضت
راح من نفسه فى اتجاه اللبن اللى بالشيكولاته و أخد علبة بعد ما تأكد من وجود الشفاطة . عزمت على الصغير بلبن رفض و قررالذهاب فى اتجاه تلاجة الأيس كريم .
كل ده و انا ماسكة الولدين من قفاهم والى رايح واللى جاى بيتفرج علينا و كل العمال عارفينهم و بيضحكوا.
و انا ماسكاهم من قفاهم لاحظت النظافة ..هم صحيح وشهم "ملحوس" لكن ريحتهم نضيفة و ملابسهم كلها نصيفة و غالية ..واضح ان حد"ابن حلال " اشترى لهم ملابس شبه بعض.
دخل إبراهيم الصغير بجراءة على تلاجة الأيس كريم و مد إيده على نوع من الاستيك مستورد ..لكن مهند قاله : سيبه ده غالى
و اختار مهند كونو مصر ى رخيص و إبن حلال .
حسيت أنى صعبت على الولد و فهم اننا فى آخر الشهر و لسه القبض ما نزلش، لأنه بياخد لفة فى البنوك علشان يعمل شوية فوايد قبل ما نقبضه زى كل شهر ..و ده رد فعل لرفضى شراء الشيكولاته المستورده فى اول الجولة ..وصعبت عليه نفسىو رفضت إنى أكون محل شفقة من طفل المفروض إنه" مشرد" .
قلت لإبراهيم بكل كبرياء : لا يا حبييى أختار اللى نفسك فيه .
و اختار الأيس كريم المستورد، و فى أقل من ثانية أخد مهند واحد زيه بعد ما رمى الكونو المصرى الرخيص إن الحلال .
وطبعا ما فتحتش بو قى بحررررف.
و قررت العودة و لفيت فى اتجاه الكاشير ..قام مهند شاور لى على مكاينة معلقة فى الحيطة أول مرة آخد بالى منها و قالى : يلا نضرب اللى اشتريناه هنا .
قلت له : لأ انا ح اضربه ع الباب عند الكاشير ..
ده طبعا علشان افهم الطفل اللى المفروض إنه "مشرد" انى عارفة الماكينة دى بتعمل إيه وإلا سمعتى ح تكون سيئة جدااا فى اوساط المشردين .
وبعد ما كنت سبتهم يختاروا و حررت قغاهم من قبضتى علشان اساعدهم فى الاختيار لاقيت رفص (المعيز) رجع لهم تانى و قررت أحكام قبضتى على فقا مهند وإبراهيم مرة أخرى.
رجع إبراهيم فى كلامه و قرر انه ياخد علبة لبن بالفراولة مش بالشيكولاته زى مهند ، لانه من الواضح إنه صاحب ذوق مميز و شخصية مستقلة من البداية .
و فى طريقى للكاشيرقلت لهم : طبعا ما فيش مدارس خالص
بصوا لى الاتنين و ماردوش .
وصلنا الكاشير و كان فيه ست بتحاسب و كل مشترياتها مرصوصة ، و بمنتهى الجراءة حط مهند الابس كريم واللبن فوق مشتريات الست و قال : يالا حاسب على دول .
قلت له: نزلهم و استنى لما طنط تحاسب ..و نزلهم .
الست قالت بمنتهى اللطف : خليه يحاسب .
قلت: لا لازم يحترم النظام و يقف فى الدور
حاجات الست كانت كتير و إبراهيم الصغير زهق و بدأ يحط الأيس كريم و علبة اللبن على مشتريات الست ..الشاب الكاشير قال : نزلهم يا إبراهيم
ساعتها فهمت إنهم زباين و إن المشهد ده متكرر بدليل معرفة مكان و أسعار البضايع اللى تهمهم بدفقة و معرفة الكاشير بأسمائهم ..و فرحت .
ولكن أحكمت قبضتى على قفا الولدين لانى حسيت انهم مش أمان ..و حاسبت بالفيزا لاننا فى آخر الشهر و القبض لسه مانزلش ..و طلع فعلا الأيس كريم غالى ..بس بالهنا والشفا .
و خرجت لاقيت ابوهم يحوم حول المكان و شكرنى و قلت له مش حرام عليك العيال دى ماترحش مدارس ؟
قال : مش لما يلاقوا سكن الاول احنا عايشين فى الشارع فى البرد .
نظرت للأب نظرة متفحصة و لاقيت إنه لابس سويتر كحلى برضه زى الولدين و حالق شعره و حالق دقنهو شعره بشكل مهذب و غير عشوائى و شكله انضف من ولادنا "لامؤاخذه" و قلت: فين أمهم
قال : ماتت ..هم كانوا عايشين معاهاو واخده بالها منهم ، و بعد ما ماتت عاشوا معايا فى الشارع .
من وقت قليل مهند قالى إنها نايمة فى الشارع و شاور لى عليها ..لحقت ماتت؟ 🤔
ما ناقشتش و طبعا كلنا فاهمين إن المناقشة فى الأحوال اللى زى دى غير مجدية و سألته قبل ما أمشى : أنت أسمك إيه ؟
قال : كريم
انتو فى المكان ده على طول يا كريم
قال: ايوة
وقررت الانصراف و اصر كريم على انه يعدينى الشارع و انا كل شوية اشده من السويتر الكحلى لانه تقريبا كان بيرمى نفسه قدام العربيات ..مش علشانى طبعا لكن علشان هو كده .
ودعته و رحت ابحث عن القهوة اللى دخلت سعودى اساسا علشانها ..اشترتها و رجعت ..
لاقيت مهند و أبراهيم و كريم واقفين جنب عربية حلوة و كريم بيوقف الشارع للعربية علشان تطلع و ألولدين بياكلوا الأيس كريم و بيقولو للى سايق العربية "هات جنيه"
و فكرت بينى و بين نفسى يا ترى الراجل عارف تمن الأيس كريم ؟ و يا ترى ح يديهم الجنيه؟ و قلت : حلو بدأوا بالأيس كربم علشان يشربوا اللبن قبل ما يناموا 😂
المشهد كله كان كوميدى و نسانى حاجات كتير تعبانى ..الحمد لله انى اتأكدت إن الأسرة المسلية كلها موجودة فى المكان ده على طول بما فيهم الأم اللى بتموت و تصحى و أنى ممكن اقضى معاهم ال(ويك إند)
وفكرت كمان إن الولدين الأذكيا واللى دمهم خفيف دول مكن حد يشدهم من قفاهم و يخليهم يروحوا مدرسة لانى مش مصدقة إنهم بلا مأوى ...لكنى مصدقةإن كريم والد مهند و إبراهيم مش خاطفهم ولا مأجرهم ..لأنه فعلا حنين عليهم وابيلاقوا معاملة طيبة منه و أمهم اللى مش مقررة ح تعيش او تموت ومن سكان المنطقة اللى أثق تماما إنهم طيبن و أثر كرمهم واضح على الأسرة كلها.
ولاقيت نفسى باغنى ..
مصر جميلة ..مصر جميلة ..خليك فاكر مصر جميلة
Wednesday, 21 March 2018
إليك أبى فى ذكرى ميلادك
لم.تسمح لنا قط بالاحتفال بعيد ميلادك رغم حرصك على الاحتفال بأعياد ميلادنا و إشاعة أجواء المرح و الحنان
أبى محمد عبد الحليم عبد الله .
رجل بسيط عاش ينشر الحب ويفشى السلام .
يأكل قليلا و يفكر كثيرا و يعتنى بمن حوله طول الوقت .
فلاح ظن فى طفولته أن قرية كفر بولين مركز كوم حمادة بمحافظة البحيرة هى حدود الكون ، و قناطر كفر بولين تروى أرضها لتطعم العالم .و أغلب الظن أنها بقيت كذلك داخل نفسه حتى دفن فى ثراها.
محمد عبد الحليم عبدالله ، الأديب الإنسان ، الذى لم يضع حدا فاصلا بين عالم الكتابة الذى وصف بالرومانسية وعالم الواقع الذى أكتوى بناره ، لكنه عاش مؤمنا أن الخير هو القاعدة و الشر هو الاسثناء ، كم تصور أن العدالة لابد أن تسود العالم ، وأنه سيأتى يوم يملأ فيه الحب جنبات الكون !
صبغ الدنيا بصفاء نفسه و اتهمه معارضوه بالانفصال عن الواقع ،و أنه يأخذ الناس الى عالم وهمى ..لم يروا ولم يفهموا .. أنه كذلك ..لم يغرر بأحد و لم يبع الوهم للقارىء ، لقد عاش نفسه بلا تزيف ، فسكب روحه على الورق و أودع الحروف نبض قلبه ..
كان يرى أنه يستطيع .. فالإنسان يستطيع أن يحول الألم الى سعادة ، و ان يصنع من القبح جمالا .
عاش محمد عبد الحليم عبد الله، يعول نفسه وأسرته و يخدم أهل قريته ، بحس فنان و قلب إنسان و عقل معلم .
رحل أبى عن الدنيا قبل أن أتم سنواتى الثمانى ، و عشت و إخوتى بين كتبه وقيمه التى لقنها لأمى و حفظتها عنه و علمتنا إياها ، والتى اعتبرها تلميذته المجتهدة .
يقول البعض إن أبناء المشاهير يصورون ابائهم كأنبياء بلا نقيصة ، و لكنى أقول : إن نقيصة أبى أنه نسى أن يحب نفسه ، أو يتصارع على دنيا ، أنه كان يعيش كما يكتب بلا ازدواجية .
كان واحدا من عمالقة الأدب العربى فى القرن العشرين ، و كان يرى أن القمة تتسع للكثير و عندما هاجموه ، لم يبال و أكمل كما بدأ .روائى و صاحب رسالة ولا يكتب إلا ما يؤمن به، ولم يساير موضة الستينيات فى الكتابة ليرضى أحدا بل ظل متفردا و إن تلقى الطعنات .
محمد عبدالحليم عبدالله ذهب للقاهرة صبيا فى الثانية عشرة من عمره ليعيش عند أحد اعمامه ، وليكمل تعليمه و يعود "افندى" ب "بطربوش" يحمل الشهادة الكبيرة ، وأن يحقق حلم أمه ، الفلاحة ، و التى كان بحبها ويقدرها ورفض أن يتزوج وهى على قيد الحياة حتى لا تشعر أن امراة أخرى تشاركها فيه ، و لطالما تعجبت من تصريحاته بأنه ورث عن أمه حسها الفنى وليس عن والده ، فالفلاح عادة يفخر بانه يشبه اباه وليس أمه لكنه كان دائما فخورا بتفردها معترفا بفضلها .
لقد كانت هذه الفلاحة هى الدرس الأول فى احترامة للمراة ولم تكن تدرى انها تصنع جزءا من تاريخ مصر ووجدان أمه و كاتبا من أشدالمناصرين للمرأة و المعبرين عن مشاعرها و قضاياها.
لقد اعتز أبى ببناته كاعتزازه بابنه ، ولكنه أدرك مبكرا عن أقرانه أن المراة كالشجرة كلما اعتنيت بها أعطتك ثمرا و ظلا وانها عقل و روح ، ليست ميراثا أو متاع .
علمنى أبى ..الفخر
أن اكون فخورة بوطنى، و جنسى ، بعقلى ، و إنسانيتى قبل كل شيء .
و لكن على أولا أن أصنع مايستحق الفخر، وللفخر باب واحد" العلم و التقوى " ، فمن يبنى نفسه على أساس لا يستطيع أن يهدمه أحد.
أراك يا أبى عطرا نثره الله على الدنيا من عليائه ، وضع فى قلبك الرحمة و على لسانك الحكمة و فى يمينك الخير كتابة وعملا .
لست نبيا .. ولست كاملا .. و لست معصوما .
فالكمال لله و العصمة للأنبياء
و لكنك أبى ..و انى أحبك ولكن يكفى أن أحبك لأرى كل ما فيك جميلا .
فعين المحب عن كل عيب كليلة .
رحم الله ابى معلما و رمزا و نهرا يفيض بالخير و العطاء
رحم الله محمد عبد الحليم عبد الله الأديب و الإنسان الذى ألغى من قاموس حياته معنى الخذلان .
حضور طاغ و غياب سريع ..مهيب اشبه بالحضور .
انه أبى طيب الله ثراه و ذكراه .
حنان عبد الحليم عبد الله