أعرف أن ما أكتبه سيكون صادما لمن عرفونى شخصيا الاصدقاء , ولمن عرفونى ايضا من خلال الشاشة .. وأكاد اسمعهم يرددون فى أنفسهم " تبان محترمة " "يا خسارة كانت بعقلها "
لكنى فى الواقع انى اكره "عمليات التجميل " بكل أشكالها وأفضل أن أتعامل مع تجاعيد الواقع بكل ما تمثله من صدمة و جمال ..
نعم جمال , فما يزيد من تفاصيل مؤلمة على وجوهنا او حياتنا ,, قد تصنع جمالا .. لا يراه الا الخاصة ..أما العامة فستستغرقهم تفاصيل تزيد حالة النفاق التى يعيشها المجتمع .
أعلان بالحب .. أرسلة رجل لمرأة حصل على جسدها وسلبها أعز ما تمكلك الفتاة .. اى نعم . شوفوا بقى أعز ماتملك !!.. ارسل انذارا.. على يد محضر وقاضاها أمام المحاكم واعلن للشارع و الحتة ان " الست دى زوجتى " مستندا لرسالة ,كانت أرسلتها اليه عندما تسلل الشك الى نفسه , بعد اعترافها له انها فقدت.. أعز ما تملك الفتاة شوفوا بقى أعز ما تملك !! شك لوهله انه الفاعل .. وسرعان ما تراجع .ليقول : ليس لرجل سواى الحق فيك . لأنك زوجتى
أعلان بالحب , أو إنذار بالطاعة .. أرسل رجل احب يصدق,, من خلال جهات رسمية ووزارة العدل شخصيا , ليعلن حبيبته ويعلن للجميع انه سيحميها من نفسها ولن يسمح لآخر بلمسها .. أرسله لمن هى بحكم الشرع "زانية "و بلغة المجتمع "عاهرة " .. أرسله رجل عرف نفسه , أحب تفاصيل محبوبتة بخلطة العشاوائات التى تجرى فى دمها , وأحب معها واقعا قبيحا متمثلا فى "أمها " المتسلطة , التى لا تكف عن ضربها حتى تطيعها وتتزوج رجلا غنيا , أحبها بترددها وخوفها من أمها ,, وحماها من ضعف مقاومتها و القهر الذى تعيش فى ظله .
انه فيلم "انذار بالطاعة " للمخرج : عاطف الطيب .. رحمه الله .. الذى لا طالما أذهل المصرين بلمس موضع الداء فى واقعهم , وتجسيد هذا الواقع بروح فنان ,ومعاناة ابن بلد , وقلب جرئ ..
لم يواجه لأى فيلم من افلام الطيب هجوما, مثلما حدث مع (إنذار بالطاعة ) وصنف انه فيلم هابط وغير أخلاقى , وانه شطب على تاريخة بفيلم تجارى يروج لافكارشاذة عن مجتمعنا , لكنى فى الواقع اصنفه انه الاكثر جرأة فى كشف نفاق المجتمع و تعريته , ولكنه خاض موضوعا يدير عنه المجتمع وجهة , فى نفس الوقت الذى يتظاهر فيه بالشجاعة بالدخول فى الغام الفساد السياسى والمالى والحديث عن الكبار . ..
" الطيب " صدم المجتمع باستعراض نموذج لرجل شجاع , فهم مشاعره, لم يخجل من حبه ولا خطيئتة , ولا انه احب خاطئة .. ولم يهتم ان رآه الناس قديسا أو شيطانا .
صفع حبيبته وصفها بالعهر , عندما ابلغته انها رضخت لرغبة امها و ستتزوج رجلا غنيا , لم يفعل ذلك وهى فى احضانه
, ولم يواجه تخليها عنه بان يقول : بالسلامة .." ح ياخد اللى فاضل منى " . " ما اتجوزش واحدة سلمت لى نفسها "
انه رجل صادم .. فى جمال احساسه , نادر فى قدرتة على ترجمة ما يحس لأفعال . له فهمه الخاص للحب , ويملك القدرة على منح الثقة و الحماية , المحامى الذى فرض فلسفتة فى الحياة على مجتمعة البسيط , الذى لا يكاد يرى من الحياة غير أسباب العيش, وهامش بسيط من الرفاهية . فاجأ مجتمعه بأن رفع قضية طاعة على حبيبتة واعتبرها زوجتة , فى الوقت الذى اعتبرت هى فعله فضيحة وتنكيلا ,, اعتبره هو دفاعا مشروعا عن حبه وعن حياته , لم يفعل ذلك لينتقم منها و يكشف سترها ثم يتركها بعد ان تضيع فرصة الزواج .
لقد اعتبر نفسه مسؤلا معها عما اقترفاه سويا , واعتبرالعلاقة بينهما زواجا يستحق أن يشهر , واعتبرها زوجة , يرضى ان تحمل اسمه .
الموت حبا .. مشهد تم تصويره باقتدار ..يوم خطوبتها وهو يصارع فى فراشه الالم , و يحاول منع وصول صوت الموسيقى لاذنية بضغطهما بالوسادة , وهى ترقص وهو يتألم.. حتى نزف من أذنه نزيفا قد يؤدى للموت
.واختلط صوت الموسيقى , بسارينة الاسعاف .
بعدها قرر الاحتفاظ بحياته , وحبه واستخدم اسلحته كمحامى لاسترداد حبيبتة .. تصرف شجاع .. جدير بكراهية الجبناء
ولتنتهى المعضلة بالمشهد الاخير :
عندما تتسلل حبيبته لبيته تحت جنح الظلام لتستجديه ان يرفع عنها الفضيحة ويسحب القضية ,,
فيتجدد الحب و يرفعها عن الارض معانقا ويدور بها فى غرفته المتواضعة .. ولتعترف بعد طول غباء منها : وحشتنى
انذار بالطاعة .. جسد نمط الحب الذى يهمس به كل منا لنفسه , الحب الذى يتحول لجزء من الروح ,, ان ذهب اختلت الروح او زهقت
انذار بالطاعة ...جسد نمط الرجل يعرف معنى الحماية والحب , الفقير فارس الاحلام .. الذى لا يوجد سوى فى الاحلام .